© Mostafa orabi. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

قصة صورة

الأربعاء، 5 مايو 2010


إنها صورة من مئات الصور الفوتوغرافية التى حفلت بها حرب أكتوبر المجيدة.
ولا بد أن كل صورة من تلك الصور كان وراها قصة بطولة عظيمة
فياترى ما قصة هذه الصورة؟
إنها صورة معبرة جداً لأستسلام حصن لسان بور توفيق أخر الحصون الاسرائيلية التى سقطت فى أيدى قوات مصر المسلحة .. سقط هذا الحصن يوم 13 أكتوبر بعد حصار ومناوشة بالنيران لمدة أسبوع كامل .. ويظهر فى الصورة الضابط الاسرائيلى شلومو أردنست قائد ثان الموقع لأن قائد الموقع دفيد ترجمان خر صريعاً يوم 6... مشاهدة المزيدأكتوبر أثناء محاولة لأقتحام الموقع فى أول أيام القتال يضهر شلومو وهو يسلم العلم الإسرائيلى للقائد المصرى الرائد زغلول فتحى قائد كتيبة الصاعقة التى حاصرت الموقع مؤدياً له التحية العسكرية، وكان ضمن كتيبة الصاعقة الضابط معتز الشرقاوى . وقد نقل الأسرى والجرحى الاسرائيلين عقي ذلك إلى الضفة الغربيية للقناة
فهذا الضابط الاسرائيلى ظل سنوات طويلة بعد إنتهاء حرب أكتوبر فى حالة شديدة من الفزع وعدم إستطاعته النوم المنظم وإصابته بالكوابيس التى كان يرى فيها صور قائده وجنود موقعه الذين سقطوا أمامه أثناء الهجوم على الموقع قتلى ..وصرخات الألم من المصابين منهم
فى مذكرات شلومو أردنست ظلت القيادة الاسرائيلية تعده مراراً ويومياً بأنها ستأتى لأنقاذه هو وجنوده وفك الحصار عنه بلا جدوى لقبضة القوات المصرية المحكمة حتى إضطر فى النهاية إلى الاستسلام ، وآخر ما طلبته منه قيادته فى آخر إتصال به قبل أن يستسلموا هو أن يقول لرجال الموقع أن برفعوا رؤسهم ويبتسموا عندما يظهروا فى التليفزيون المصرى
يذكر شلوموا أردنست أنه بعد أن عاد إلى منزله كان يستيقظ من النوم فيجد أباه وأمه إلى جوار سريره وهو مبلل بالعرق فيسألهما مالذى أتى بكما إلى حجرتى ؟ فكانا يقولا له شلومو لقد سمعنا صراخك وجئنا نستطلع الأمر
الرائد البطل زغلول فتحى قائد كتيبة الصاعقة التى حاصرت الموقع والذى كان يطلق عليه بالعبرى " موقع ميزح" والذى إلذى إستسلم أمام عدسات وكالات الأالعالمية وممثلى أجهزة الاعلام بمصر والخارج أتدرى ماذا قال مندوب وكالة رويتر ؟
جرانفيل واتس مراسل وكالة روايترز الاخبارية الاعلامية قال :
إستسلم اليوم آخر موقع إسرائيلى حصين على الضفة الشرقيةلقناة السويس وتم أسر 37 شخصاً من القوات الاسرائيلية الذين بدا عليهم الارهاق ، وكانوا ملطخين بالأوحال حين تم إقتيادهم بزوارق التجديف عبر القناة إلى الضفة الغربية ..
وكان أول إسرائيليين يتم نقلهما بالقوارب قائد الموقع ويدعى شلومو أردنست ويبلغ من العمر 23 عاماً برتبة ليفتانت ، وأما الثانى فكان طبيب الموقع
وقد واجه الضابطان الشابان على ضفة القناة عدداً من المصريين الذين أكدوا لهما أنهما سيلقيان المعاملة المناسبة وفقاً لأتفاقية جنيف .
إلا أن الضابط المصرى المسؤل عن عملية التسليم لم يرقه منظر الضابط الاسرائيلى الذى يمشى متمهلاً فقال له بالأنجليزية : " قف .. إنتباه"
وعلى الفور إمتثل القائد الاسرائيلى ورفع يده محيياً العلم المصرى
هذا وعندما دخلت الموقع إستطعت أن أرى معدات ، وأجهزة راديو ، وعدسات مكبرة ، وخوذات ، وكانت هناك صناديق كثيرة مليئة بالذخيرة .. وقد كان واضحاً أن الاسرائيلين لم يستسلموا لنفاذ الذخيرة .

إلى هنا ينتهى تقرير مراسل وكالة روايتر وهو غنى عن التعليق

قد يسأل البعض ولماذا إستسلم الموقع وبه الذخيرة الوفيرة وعدد وفير من الجنود .. وللأجابة على السؤال نعود قليلاً إلى الوراء

كان هذا الموقع يبدو من بعيد أشبه بجبل صغير .. كان يضم 6 دشم أقامها الاسرائيليون على طول اللسان الممتد مايزيد على 5 كيلو مترات ، وعرضه يتراوح ما بين 75-200 متراً . كانت جدران الدشم تتكون من عربات السكك الحديدية المليئة بالأسمنت المسلح ، وفلنكات السكك الحديدية ، ويعلوها ردم رملى يرتفع لما يزيد عن ثلاثة أمتار بحيث لا تؤثر فيه أشد أنواع القذائف .. وكانت هذه الدشم متصلة فيما بينها بأنفاق سفلية بحيث إذا سقطت إحداها يفر أفرادها إلى باقى الدشم بعد أن يغلقوا خلفهم أبواباً فولاذية صلبة . . كان بالموقع مواد غذائية ، وذخائر مكدسة بما يسمح لقوة الموقع وعددها 42 فرداً أن تستطيع المقاومة شهوراً عديدة .. كما كانت إمدادات المياه تصل إلى داخل الموقع عن طريق خط مواسير مدفونة داخل الرمال وغير مرئية .
أما تسليح الموقع فكان يضم خمس دبابات أمريكية الصنع من طراز باتون , ومدفعية ثقيلة , ورشاشات ثقيلة , ومتوسطة بالاضافة إلى التسليح الشخصى للأفراد .
هذا إلى جانب طبيب وحجرة مجهزة بالمعدات الطبية .. وأجهزة إتصال بالقيادة والقواعد الجوية لطلب طلعات جوية .
قامت قيادة الجيش الثالث الميدانى بتكليف كتيبة صاعقة بالأغارة النقطة الحصينة ..
قام قائد كتيبة بدفع إحدى سراياه لمهاجمة تلك النقطة الحصينة
قام قائد تلك السرية بحصار ذلك الموقع منذ يوم السادس من أكتوبر والضغط على العدو بالداخل عدة أيام حتى إستسلم فى النهاية .. وقصة إستسلامه سندعها لقائد الحصن يرويها بلسانه كما وردت فى مذكراته ..
جاء فى مذكرات شلومو أردنست:
السبت 6 أكتوبر 1973
على الرغم من أننا تلقينا رسالة من قيادة الأركان ( الاسرائيلية) عن إحتمال قيام المصريين بهجوم على مواقعنا إلا إننا إستبعدنا ذلك تماماً .. فنحن بقوتنا الهائلة قد أدخلنا اليأس إلى قلوبهم .. وهم كما أكدت لنا قيادتنا أضعف من أن يدخلوا حرباً جديدة ضدنا ومع ذلك فإننا رفعنا درجة الاستعداد وكان لدينا فى موقع ميزح كل ما يطمئنا .. فحتى لو فكر المصريون فى الهجوم فإن موقعنا من أقوى مواقع خط بارليف خاصة بعد الاضافات الهائلة التى دعم بها الموقع أثر هجوم شنته علينا قوات مصرية أثناء ما يعرف بحرب الاستنزاف ..ونتيجة لهذا الاصمئنان حاول قائد الموقع الذى توليت القيادة عقب مصرعه عصر اليوم وهو الملازم أول ديفيد ترجمان الأتصال فى الساعة الواحدة والربع بخطيبته فى شرم الشيخ ,, وعى فكرة كانت هى أيضا زميلة لنا بجيش الدفاع برتبة ملازم .. وقبل أن يتفق ديفيد على اللقاء بخطيبته فى اللد بمجرد حصوله على أجازة هو الآخر قطعت المكالمة وإستشاط غضباً .. وأخذنا نمزح معه وأخذنا نمزح معه دون أن يبتسم ..
وفى الساعة الواحدة والنصف سمع ديفيد صوتاً قادماً من بعيد ، ولم يكن هذا الصوت المألوف لعامل التليفون فى مركز أم خشيب .. ومرة أخرى إستشاط ديفيد غضباً وطلب من المتحدث أن يدع الخط إلى أن يكمل مكالمته مع خطيبته ، ولكن المتحدث أجابه ببرود أنه يتكلم من القيادة العامة العامة ليدلى بإشارة عاجلة إلى قائد الموقع ..
ورد ديفيد بحنق :
* أى موقع ؟
* موقع ميزح .
* حسناً إننى القائد .
* نعم يا سيدى .. إشارة من قائد الأركان : يحتمل أن يقوم المصريون بـ ..
وهنا إنقطع الاتصال قبل أن تنتهى الاشارة ، وعاد ديفيد إلى الدق على جهاز التليفون ، ولكن الجهاز اللعين بدا ميتاً
إلى أن كانت الساعة الثانية وخمس دقائق ( مازال الحديث لشلومو) إذ سمعنا أزيزاً مكتوماً ، وأصوات إنفجارات قريبة .. إن طائرات السوخوى المصرية تقذف سيلاً من القنابل .. وفى نفس الوقت تقريباً تساقطت قذائف المدفعية الحادة الحادة .. لا أفهم شياً حتى الآن .. دمرت قذائف المدفعية المصرية وسائل الاتصال ، ومواقع المراقبة .. ترى ماذا يكون ماحدث ؟ هل هو مجرد حادث فردى أكبر بعض الشئ من الحوادث السابقة ؟!! .. أتمنى ذلك ..
إستمر القصف المصرى ساعتين .. رأيت 4 دبابات من دباباتنا تدخل موقعنا .. ياللكارثة .. لقد أصيبت ثلاثة من دباباتنا وسقط أطقمها ما بين قتلى وجرحى ..
قرب الغروب رأينا عشرة قوارب مليئة بالجنود المصريين تعبر بهم القناة .. أصدرت أوامرى بضربهم بالمدفع الرشاش الثقيل .. لا فائدة فقد أصيب هو الآخر .. فتح رجال الموقع نيران مدافع عوزى .. تمكنا من إصابة بعض المشاة .. لكن موجة الهجوم وصلت إلى الساتر ، وسمعناهم وهم يتصايحون فى ثورة سنذبحكم ( الله أكبر) ..
لماذا لم تعمل مواسير النابالم زز؟!! ... لغز آخر
نسف المشاة المصريون من حملة قاذفات اللهب خزان الوقود فى الموقع .. بدأ القتال يتبادل بالقنابل اليدوية .. سقط أول قتيل منا ..
لاحظت أن المصريون يندفعون ناحية الشرق .. لكنهم تركوا بعض المشاة الذين بدأوا فى حصار الموقع ..
هبط الليل .. أسوأ ليل فى حياتى .. القذائف تدك الموقع .. الجنود المصريون يستخدمون قاذفات الصواريخ .. سقط القتيل الثانى والثالث .. لقد حوصر الموقع تماماً وتم عزله من جميع الاتجاهات .. توالى سقوط القتلى وبينهم القائد ديفيد
أصبحت مسؤلاً عن القيادة فى الموقع .. مازلت متأكداً أن قوات جيش الدفاع سوف تأتى لفك الحصار المصرى وتنقذنا .. إنى متأكد من ذلك تماماً
- شلومو أردنست الذى يصف مقدار مابلغوه من رعب ، ويأس.. فيذكر فى مذكراته بخط يده :
الثلاثاء 9 أكتوبر
يبدو أن المصريين لم يبدأوا هجومهم الفعلى نحونا حتى الآن .. لكن أفراد الموقع .. أقصد من تبقى منهم على قيد الحياة كانوا يعانون من الارهاق والخوف .. إستطعت أن أستخدم نظارتى الميدانية لأعرف ما يدور حول الموقع .. لكن رأيت ما لم أصدقه .. لقد كان العلم المصرى يرفرف فوق الدشمة المجاورة .. هبط قلبى فى قدمى وشعرت بالعار والانهيار .. خاصة وأن عدد الذين يصلحون للقتال من رجالى فى هذا اليوم لا يزيدون عن العشرة .. وكان علىّ أن أواصل رفع روحهم المعنوية المنهارة .. أخذت أقول لهم :
سوف تمر الأزمة .. وسيأتى رجالنا .. إنهم قادمون .. فقليلاً من الصبر ..
وأيدنى المضمد يمرحئيل يسرائيلى .. فقال هو الآخر :
إنى متأكد أنهم سيأتون لأنقاذنا
الجمعة 12 أكتوبر :
لم نتوقف عن طلب النجدة .. الأمل فى وصولها يتلاشى .. الموقف بالغ السوء.. لم تعد تجدى تنقلاتى بين مواقع الحصن .. الجنود والضباط ينهارون لحظة بعد أخرى .
قال أحدهم :
إن الذخيرة تنفذ .
الهجمات المتقطعة للمشاة المصريون تطرد النوم من عيوننا..
تلقينا إشارة من قيادتنا تقول :
إذا لم نستطع إرسال النجدة إليكم .. فعـليكم بالاستسلام ..
لقد تأكد ما توقعته ..
نجح طبيب الموقع " ناحوم فربين" فى علاج جندى أصيب بجروح بالغة نتيجة إصابته ببازوكا فتحطمت يداه ، ودخلت الشظايا فى جميع أعضاء جسمه ، وحتى فى عنقه .. وبعد مرور ساعات قليلة أخذ يهذى وفقد وعيه .. قام الطبيب ناحوم بقطع زنده ، وكان يقاوم إرتجاف يده وهو يفعل ذلك ..
إن وضع الجرحى لا يطاق .. صورة أول جريح سقط بيننا فى يوم السبت الماضى مازالت ماثلة أمامى .. وفى لحظة هدوء .. حكى لى الطبيب ناحوم كيف فشل فى علاج الجريح .. فقال لى :
لم أسيطر على النزيف .. وشعرت إنه سينتهى بين يدى.. وقد مات بالفعل بعد 6 ساعات.. إن هذه هى المرة الأولى التى يموت فيها شخص أنا المسؤل الوحيد عنه .. وعندما تحققت من وفاته جلست فى مكان ما من المستوصف داخل الموقع وأنا غير قادر على القيام بأى عمل .. وبقيت هكذا لمدة عشرة دقائق .. إلى أن بدأ وصول جرحى آخرين .. وكان لزماً على أن أسارع إلى إسعافهم ..
هكذا أخذ يحدثنى الطبيب ناحوم إلى أن دوت فرقعة هائلة .. فقلت فى نفسى :
لقد بدأوا الضرب مرة أخرى
اليوم الأخير من حصار نقطة لسان بور توفيق الحصينة طبقاً لما ورد بمذكرات قائد الحصن شلومو أردنست:

صباح السبت 13 اكتوبر
مر إسبوع على حصار المصريون لنا .. أصبحنا مجموعة منهكة تماماً .. قمت بالأتصال لاسلكياً بالقيادة الجنوبية .. ودار بيننا الحوار التالى :

• القيادة : شلومو .. هل يمكنك الصمود ؟
• أنا : مستحيل .. مستحيل .. ليست هناك فائدة . . إننى سأسلم ..
• القيادة : إسمعنى جيداً إن إستطعت أن تصمد قليلاً فسوف نبذل كل جهدنا لنخرجكم من هناك .. ربما ..
• أنا : لقد قلت لك إنه لم تعد هناك أية فائدة ..
• القيادة : حسناً .. أرجو أن نراك قريباً .. هل تريد شيئاً ؟
• أنا : نعم .. ان أذهب إلى بيتى ..
• القيادة : هل تعرف شيئاً عن وضعنا ؟
• أنا : لا .. لا
• القيادة : بالنسبة لموضوع الاستسلام فقد تم عمل اللازم .. عندما تظهرون فى التليفزيون المصرى .. قل للأولاد أن يرفعوا رؤسهم ويبتسموا ..
• أنا : لقد وعدونا بتطبيق إتفاقية جنيف .. سوف أخلى القتلى والجرحى .
• القيادة : ألا تريد أن تضيف شيئاً ...؟
• أنا : أبلغ أسرتى .. وقل لزملائى أن يسهروا على أبى وأمى ...
إلى هذ الحد إنتهى دورى فى الاتصال بالقيادة .. وتركت ضابط الاتصال فى الحصن " عموس سيجل" ليتلوا عليهم قائمة الموجودين وذكر لهم أسماء الجرحى ، وحالة كل واحد منهم .. ثم قرأ بعد ذلك قائمة القتلى .. وكان الذى يتلقى منه هذه القوائم فى القيادة يدعى " ماركو" .. ولما كان يعرف بعض القتلى الذين ذكر عموس أسمائهم .. فقد إنفجر باكيا ً وهو يصيح فى الجهاز:
• اصمدوا .. اصمدوا ..
قمت بالأستعدادات الأخية للأستسلام.. وقام الطبيب ناحوم بتغيير الضمادات للجرحى .. إقترحت على رجالى أن يحلقوا ذقونهم ، ويغيروا ملابسهم ، ولكن معظمهم لم يعبأ بما أقول .. وأمرت أحد الجنود أن يحمل معه كتاب التوراة الموجود فى الحصن ، وكان قد قدم لنا هدية من يهود رومانيا ..
بعد ذلك خرجت ومعى الطبيب ناحوم لإجراء المفاوضات مع الضابط المصرى الذى جاء ومعه صحفيون ومصورى تليفزيون من جنسيات مختلفة .. وطلبت إذناً بجمع جثث القتلى .. فوافق على الفور ..
وعدت إلى الرجال فى الحصن .. فتم نقل الجرحى فى القارب الأول .. وبعد ذلك نقلت بقية المجموعة .. بينما عدسات الصحفين ، وكاميرات التليفزيون تتفرس ملامحنا .. وبرغم الخوف من الأسر ..
إلا أننى أحسست بالقدرة على التنفس جيداً.
- المصادر
كتاب /صائد الطائرات
للكاتب /احمد على عطية الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 

Blogger news

Blogroll

Website counter

Most Reading